عن عسير

مرحباً ألف في قممٍ تتلألأ بطبيعتها الخلابة

تهوّل بتنوعها

على امتداد آلاف الكيلومترات في جنوب غرب المملكة العربية السعودية تقع عسير كقصة أسطورية متنوعة بفصولها المدهشة؛ تجد فيها قمم الجبال تتزين بندف الغيم وتتدثر الضباب بشموخ، والسهول الخضراء المبشرة بالخيرات طيلة العام، والشواطئ الدافئة على أعتاب البحر البِكر، والصحراء المهيبة في جلال صمتها ووقارها. تمازج طبيعي مشبعٌ بالتاريخ العريق، والثقافة الأصيلة، والآثار الفريدة، والإنسان الكريم. وجهة تستحق أن تنسج منها قصتك الخاصة بالتجربة، والمغامرة، والاستكشاف واختبار أحاسيس الجمال.

اكتشف عسير لتكتشف السعودية من جديد.

عسير.. تاريخٌ أشمُّ

إن كنت شغوفًا بالتاريخ؛ ففي عسير ستجد سيرة ما يزيد عن سبعة قرون من التاريخ العصي على التلاشي والنسيان، تاريخ تمثل في حصون حربية شاهقة، وقلاع منيعة على الزمن والطبيعة، وقصور تحكي سيرة أمجاد عمرتها ولم تغادرها. في قرى عسير التي تزيد عن أربعة آلاف قرية تتناثر كعقد لؤلؤ بين مدنها ومحافظاتها ستجد أن للتاريخ طعما ورائحة، وستقرأ بين أسطره ثقافة عريقة، وفنون بديعة وأصالة إنسان أصيل الطباع ذو بأس شديد يشبه أرضها في صمودها وشموخها.

رافق التاريخ في عسير في رحلة استثنائية، وأعقد صداقة لا تُنسى مع الأصالة والتراث.

في عسير.. سيمفونية بديعة تعزفها الطبيعة

وأنت تتنقل في عسير من قمة جبل تصل لارتفاع 3000م إلى سواحل على مستوى سطح الأرض، وبينهما سهول وأودية وهضاب ورمال؛ فأنت تتنقل بين مناخات مختلفة يغلب عليها الاعتدال طيلة العام، ويزورها المطر في أغلب مواسمها حتى صار صديقا لكل حقل فيها، وجارا لكل وادي. عسير التي ترسم لوحة طبيعية باخضرارها تضم ما يزيد عن نصف المساحات الخضراء بالمملكة، وترتاح نهايتها على امتداد 125 كيلا على سواحل البحر الأحمر، تعدك بتنوع بيئي ثري بأشجار معمرة، ومحاصيل مثمرة، وحيوات حيوانية نادرة كالعقعق العسيري في جبالها، والنوارس والفلامنجو على شطآنها. عسير بهذا التنوع الطبيعي والثراء البيئي ترسم لك لوحة ربانية غاية في الإتقان والجمال، والحياة النابضة بكل ما هو مدهش، عليك فقط أن تكتشف بنفسك هذه الدهشة وتعود محملا بعبق الطبيعة بين أضلعك.

أرض الثقافة والفنون

لعشّاق الفنون الأصيلة موعد لا يتكرر في عسير؛ ولتفرده وتنوعه مشهدٌ مختلف لا يوجد إلا في عسير. طبيعتها المتنوعة اكسبتها تنوعا فنياً وأدائياً يتناغم مع كل جبل وساحل فيها، وينساب بعذوبة بين كل وادي وهضبة تمر بها. حينما يرتاح العسيري في وحدته؛ يداعب مزاميره لتطرب الأرض والسماء معه، وعندما خُلقت امرأة عسير بين زهورها شكلت منها ألوان القط ورسمته فنا مميزا على جدران منزلها حتى أصبح أحد الفنون المُدرجة ضمن التراث العالمي غير المادي، وحين يطيب السمر في ليالي الجبال وترقُّ النسمة في أرجاء الوديان يرفع العسيري صوته طروبا ويتماهى بجسده مع أصحابه في رقصات أدائية تشبه تلك الجبال وتتجذر في الأرض كتلك الوديان، حتى أصبحت هذه الفنون ميزة لتراث أصيل تشهده مختلف المحافل ويتصدر جُلّ المهرجانات الفنية والأدبية. وقد تفردت عسير بفن معماري يعرف "بالقصاب" التي تمتد في شكل دائري نحو السماء، فكانت حصونا منيعة أيام الحرب، ومخازن للحبوب بقية العام لا يصيبها فيها الضرر، وبقت لمتانتها شاهدٌ على فنون أصيلة تنتظر منك تجربتها.

التراث العمراني

تُعدّ عسير "أكبر متحف مفتوح للعالم"، حيث تضم ما يزيد عن تسعة آلاف أصل تراثي من الأصول التراثية العمرانية في المملكة منها عشرات المتاحف التي تستقبل آلاف الزوار بكل دفء كل عام. وتشكل العمارة في عسير فنا فريدا في شكله النهائي والمتنوع بتنوع تضاريسها ومناخها، وبطريقة تصميمه وبناءه التي استمدت أساليبها من طبيعة الأرض واحتياجات الإنسان من مئات السنين مما جعلها تبقى راسخة حتى اليوم وشواهد مهيبة على مقدرة الإنسان العسيري وعبقرية عمارته التي شكل بها عمقا حضاريا وتاريخاً لا يبلى.

في زيارتك لاكتشاف نمط العمارة في عسير ستكتشف أصلا جماليا، وإرثاً مميزاً ملهماً، ودرساً تاريخًيا في مقدرة الرجال على تطويع الجبال.

فنون الطهي

ضمن منظومة التنوع الطبيعي الثري في منطقة عسير، أنت على موعد لتدليل ذائقتك في المطبخ العسيري. نكهات مختلفة تُعد طريقة تحضيرها فنًا قائما بذاته، تعتمد بشكل رئيس على الموارد الطبيعية التي تجود بها المنطقة من محاصيل زراعية، ومواشي، ومنتجات العسل، والفواكه. فيخرج خبز التنور "الميفا" ساخنا وشهيا من مواقد صنعت من طين الأرض، لتخبز فيها خيرات الأرض من قمح وذرة وشعير، وتحضّر العريكة سمراء كحنطة جبالها مضافا لها العسل المستخرج من حقول أرضها والسمن من مواشيها. وتطبخ "التصابيع" و"المشغوثة" و”المبثوثة" في ألبان طازجة من مواشي تنعمت في سهولها مع مزيج سلس من القمح والعسل والسمن، ويُحنذ اللحم الطازج في أعماق حفر يتفنن في حفرها الرجل العسيري واشعالها لتُخرج طبقا اكتسب نكهته من نباتات الأرض الطبيعية. لتقدم هذه الأصناف وغيرها بحفاوة وكرم لكل ضيف لن تفارق ذاكرته هذه النكهات المميزة، ولا الطعم الذي يأخذ من المكان تفاصيل ذائقته.

هذا التنوع والارتباط بالأرض وخيراتها، والاستدامة بين ما يُعطي الإنسان وما يأخذ منها جعلت عسير تحصل على لقب منطقة فنون الطهي العالمية لعام 2024 كأول منطقة غير أوروبية.

وعلى المستوى المحلي؛ يتصدر المطبخ العسيري التراثي الموائد المختلفة، ويعد تقديم أصنافه نوعا من كرم الضيافة حتى تأصلت تفاصيله لدى الجيل الشاب الذي أصبح يتفنن في تحضيره ويصدره في كل مناسبة عامة أو خاصة مع الحفاظ على أصالة الطعم وتدليل الحواس الذي يستحق أن تذوقه بنفسك عند زيارتك لعسير.

ابدأ رحلتك